کد مطلب:241049 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:132

هو حبل الله المتین
روی الصدوق بسنده إلی محمد بن موسی الرازی قال حدثنی أبی قال: «ذكر الرضا علیه السلام یوما القرآن فعظم الحجة فیه، و الآیة و المعجزة فی نظمه قال: هو حبل الله المتین، و عروته الوثقی، و طریقته المثلی المؤدی إلی الجنة، و المنجی من النار، لایخلق علی الأزمنة، و لایغث [1] علی الألسنة؛ لأنه لم یجعل لزمان دون زمان بل جعل دلیل البرهان، و الحجة علی كل إنسان «لا یأتیه البطل من بین یدیه و لامن خلفه تنزیل من حكیم حمید» [2] .

اشتمل الحدیث الرضوی علی فضائل القرآن و هی عشر نذكر اثنتین: منها أنه المعجزة، و أنه حبل الله المتین، و أما الباقیة من الفضائل فقد جاءت فی الحادیثهم علیهم السلام منها الكاظمی: «أن رجلا سأل أباعبدالله علیه السلام ما بال القرآن لایزداد عند النشر و الدرس إلا غضاضة؟ فقال لأن الله لم ینزله لزمان دون زمان، و لالناس دون ناس فهو فی كل زمان جدید، و عند كل قوم غض إلی یوم القیامة». [3] و الرضوی الذی تكلمنا عنه عند «كلام الله لاتتجاوزه و لاتطلبوا الهدی فی غیره فتضلوا» [4] .

قوله علیه السلام: «هو حبل الله المتین» أما وصفه بحبل الله فدلت علیه آیة «و اعتصموا بحبل الله جمعیا». [5] ففی سجادی «...و حبل الله هو القرآن، و القرآن یهدی الی الامام و ذلك قول الله عزوجل: «ان هذا القرآن یهدی للتی هی أقوم». [6] و كاظمی: «علی بن أبی طالب حبل الله». [7] و صادقی: «نحن حبل الله الذی قال الله «و اعتصموا بحبل الله جمیعا و لاتفرقوا» [8] .



[ صفحه 496]



و فسرت بدین الإسلام و النبی و الأئمة جمیعا و لامنافاة بین كل ذلك لأن الكل هاد لمن اعتصم بهم.

قال الفیض: استعار له الحبل و الموثوق به الاعتصام من حیث أن التمسك به سبب النجاة عن الردی كما أن التمسك بالحبل الموثوق به سبب السلامة عن التردی. [9] .

و المجعزة فی نظمه

قال السید الطباطبائی: إن دعوی القرآن أنها آیة معجزة بهذا التحدی الذی أبدتها هذه الآیة [10] تنحل بحسب الحقیقة إلی دعویین و هما دعوی ثبوت أصل الإعجاز و خرق العادة الجاریة، و دعوی أن القرآن مصداق من مصادیق الإعجاز، و معلوم أن الدعوی الثانیة تثبت بثبوتها الدعوی الأولی، و القرآن أیضا یكتفی بهذا النمط من البیان و یتحدی بنفسه فیستنتج به كلتا النتیجتین غیر أنه یبقی الكلام علی كیفیة تحقق الإعجاز مع اشتماله علی مالا تصدقه العادة الجاریة فی الطیبعة من استناد المسیبات إلی أسبابها المعهودة المشخصة من غیر استثناء فی حكم السببیة أو تخلف و اختلاف فی قانون العلیة، و القرآن یبین حقیقة الأمر و یزیل الشبهة فیه فالقرآن یشدق فی بیان الأمر من جهتین.

الأولی: إن الإعجاز ثابت و من مصادیقه القرآن المثبت لأصل الإعجاز و لكونه منه بالتحدی.

الثانیة: أنه ما هو حقیقة الإعجاز و كیف یقع فی الطبیعة أمر یخرق عادتها و ینقض كلیتها.

إعجاز القرآن

لاریب فی أن القرآن یتحدی بالإعجاز فی آیات كثیرة مختلفة مكیة و مدینة تدل جمیعها علی أن القرآن آیة معجزة خارقة حتی أن الآیة السابقة أعنی قوله تعالی: «و إن كنتم فی ریب مما نزلنا علی عبدنا فاتوا بسورة من مثله» الآیة أی من مثل النبی «ص» استدلال علی كون القرآن معجزة بالتحدی علی إتیان نظیرة سورة من مثل النبی - صلی الله علیه وآله - لاأنه استدلال علی النبوة مستقیما و بلا واسطة، و الدلیل



[ صفحه 497]



علیه قوله تعالی فی أولها: «و إن كنتم فی ریب مما نزلنا علی عبدنا» و لم یقل و إن كنتم فی ریب من رسالة عبدنا، فجمیع التحدیات الواقعة فی القرآن نحو استدلال علی كون القرآن معجزة خارقة من عندالله، و الآیات المشتملة علی التحدی مختلفة فی العموم و الخصوص و من أعمها تحدیا قوله تعالی: «قل لئن اجتمعت الإنس و الجن علی أن یأتوا بمثل هذا القرآن لایأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهیرا». الإسراء 88. و الآیة مكیة و فیها من عموم التحدی ما لایرتاب فیه ذومسكة... [11] .

و للسید رحمه الله كلام مطول حول الإعجاز القرآنی و وجوهه [12] و أما هذه الوجوه فقد ذكرها جمع منهم صاحب المنار وعدها إلی سبعة و صاحب البشری أنهاها إلی ثلاثة عشر وجها [13] و حیث لایسع المجال لذكرها هنا إلا وجه إعجاز القرآن فی نظمه لكونه مذكورا فی كلام الرضا علیه السلام فنذكر نص تفسیر المنار:

إعجاز القرآن بأسلوبه و نظمه

(الوجه الأول) اشتماله علی النظم الغریب، و الوزن العجیب، و الأسلوب المخالف لما استنبطه البلغاء من كلام العرب فی مطالعه و فواصله و مقاطعه. هذه عبارتهم و أوردوا علیها شبهتین و أجابوا عنهما و حصروا نظم الكلام منثوره مرسلا و سجعا، و منظومه قصیدا و رجزا فی أربعة أنواع لایمكن عد نظم القرآن و أسلوبه واحدا منها كما یدل علیه كلام الولید بن المغیرة من أكبر بلغاء قریش الذین عاندوا النبی - صلی الله علیه و آله - و عادوه استكبارا، و جاحدوه استعلاء و استنكارا. أخرج الحاكم و صححه البیهقی فی دلائل النبوة عن ابن عباس قال: «إن الولید بن المغیرة جاء إلی النبی - صلی الله علیه و آله - فقرأ علیه القرآن فكأنه رق له، فبلغ ذلك أباجهل فأتاه فقال یا عم، إن قومك یریدون أن یجمعوا لك مالا لیعطوكه، فإنك [كذا] أتیت محمدا لتعرض لما قبله قال: قد علمت قریش أنی من أكثرها مالا، قال: فقل فیه قولا یبلغ قومك أنك منكر له، قال:

و ماذا أقول؟ فو الله ما فیكم رجل أعلم بالشعر منی لابرجزه و لابقصیده



[ صفحه 498]



و لابأشعار الجن، و الله ما یشبه هذا الذی یقول شیئا من هذا و الله إن لقوله الذی یقول لحلاوة، و إن علیه لطلاوة، و إنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله [14] و إنه لیعلو و ما یعلی، و إنه لیحطم ما تحته قال: و الله ما یرضی قومك حتی تقول فیه؛ قال فدعنی أفكر، فلما فكر قال: هذا سحر یؤثر عن غیره، و كان هذا سبب نزول قوله تعالی: «ذرنی و من خلقت وحیدا» الآیات [15] .

و لعمری إن مسألة النظم و الأسلوب لإحدی الكبر، و أعجب العجائب لمن فكر و أبصر، و لم یوفها أحد حقها، علی كثرة ما بدأوا و أعادوا فیها، و ما هو بنظم واحد و لابأسلوب واحد، و إنما هو مئة أو أكثر: القرآن مئة و أربع عشرة سورة متفاوتة فی الطول و القصر: من السبع الطوال التی تزید السورة فیه علی المئة و علی المئتین من الآیات - إلی السور المئین - إلی الوسطی من المفصل إلی مادونها من العشرات فالآحاد كالثلاث الآیات فما فوقها، و كل سورة منها تقرأ بالترتیل المشبه للتلحین المعین علی الفهم المفید للتأثیر، علی اختلافها فی الفواصل و تفاوت آیاتها فی الطول و القصر، فمنها المؤلف من كلمة واحدة و من كلمتین و من ثلاث، و منها المؤلف من سطر أو سطرین أو بضعة أسطر، و منها المتفق فی أكثر الفواصل أوكلها، و منها المختلف فی السورة الواحدة منها، و هی علی مافیها متشابه و غیر متشابه فی النظم، متشابهة كلها فی مزج المعانی العالیة بعضیها ببعض من صفات الله تعالی و أسمائه الحسنی، و آیاته فی الأنفس و الآفاق، و الحكم و المواعظ و الأمثال، و بیان البعث و المآل. ودار الأبرار و دار الفجار. و الاعتبار بقصص الرسل و الأقوام و أحكام العبادات و المعاملات [و الحلال] و الحرام.

یقول قائل: إن أسالیب جمیع الفصحاء و البلغاء متفاوتة كذلك لایشبه أسلوب منها أسلوبا، و لایتساویان: منظوما و لامنثورا. فمجرد اختلاف الأسلوب و النظم لا یصح أن یعد معجزا (و نقول) من قال هذا فقد أبعد النجعة، و أوغل فی مهامه الغفلة، فمهما تختلف منظومات الشعراء فلن تعدو بحور الشعور المنقولة عن المتقدمین، و التوشیحات و الأزجال المعروفة عند المولدین، و مهما تختلف خطب الخطباء و المترسلین من الكتاب و المؤلفین فی العلوم و الشرائع و الآداب فلن تعدو أنواع الكلام الأربعة التی بدأنا القول



[ صفحه 499]



بها، و لایشبه شی ء من هذه و لاتلك نظم سورة من سور القرآن و لاأكثرها و لكل منهم نظم و أسلوب خاص.

فإن شئت أن یشعر سمعك و ذوقك بالفرق بین النظم الكلام البشری و نظم الكلامی الإلهی فائت بقاری ء حسن الصوت یسمعك بعض أشعار المفلقین و خطب المصاقع المفوهین و المتقدمین و المتأخرین بكل ما یستطیع من نغم و تحسین، ثم لیتل علیك بعد ذلك بعض سور القرآن المختلفة النظم و الأسلوب كسورة النجم و سورة القمر و سورة الرحمن و سورة الواقعة و سورة الحدید - مثلا - ثم حكم ذوقك و وجدانك فی الفرق بینها فی أنفسها، ثم فی الفرق بین كل منها و بین كلام البشر فی كل أسلوب من أسالیب بلغائهم و تأثیر كل من الكلامین فی نفسك، بعد اختلاف وقعه فی سمعك.

بل تأمل المعنی الواحد من المعانی المكررة فی القرآن، لأجل تقریرها فی الأنفس و نقشها فی الأذهان كالاعتبار بأحوال أشهر الرسل مع أقوامهم من مختصر و مطول و افطن لاختلاف النظم و الأسالیب فیها. فمن المختصر ما فی سور الذاریات و النجم و القمر و الفجر، و من المطول ما فی سور الأعراف و الشعراء و طه. لعلك إن تدبرت هذا تشعر بالبون الشاسع بین كلام المخلوقین و كلام الخالق، تحكم بهذا الضرب من الإعجاز حكما ضروریا وجدانیا لاتستطیع أن تدفعه عن نفسك، و إن عجزت عن بیانه بقولك.

و من اللطائف البدیعة التی یخالف بها نظم القرآن نظم كلام العرب من شعر و نثر، أنك تری السورة ذات النظم الخاص و الفواصل المقفاة تأتی فی بعضها فواصل غیر مقفاة، فتزیدها حسنا و جمالا و تأثیرا فی القلب، و تأتی فی بعض آخر آیات مخالفة لسائرآیها فی فواصلها وزنا وقافیة، فترفع قدرها و تكسوها جلالة و تكسبها روعة و عظمة، و تجدد من نشاط القاری ء و ترهف من سمع المستمع و كان ینبغی للخطاء و المترسلین أن یحاكوا هذا النوع من محاسنه، و إن كانوا یعجزون عن معارضة السورة فی جملتها، أو الصعود إلی أفق بلاغتها، و من أعجب هذه السور أوائل سور المفصل بل المفصل كله... [16] .



[ صفحه 500]



أقول: هذا أحد وجوه إعجاز القرآن السبعة، و أما البقیة فراجعها [17] .



[ صفحه 502]




[1] من غث أي هزل.

[2] فصلت: 42، عيون الأخبار 128:2.

[3] المصدر ص 85.

[4] حرف الكاف مع اللام من الحكم.

[5] آل عمران: 103.

[6] تفسير الصافي 285:1.

[7] تفسير البرهان 306:1، تفسير العياشي 194:1.

[8] تفسير البرهان 307:1.

[9] تفسير الصافي 285:1.

[10] يريد قوله تعالي: «و إن كنتم في ريب مما نزلنا علي عبدنا فأتوا بسورة من مثله» البقرة: 23.

[11] تفسير الميزان 59 - 58/1.

[12] تفسير الميزان 89 - 59/1.

[13] كتاب البشري ببعثة البشير 367 - 340/2 لمؤلفه الشيخ عبدالواحد المظفر المتوفي 1394 ه- و قد أتي بمهام بحوث إعجاز القرآن و جعل إعجاز نظمه الوجه الثاني المكني عنه بالوصف في ص 355 - 334 من بشراه المذكور.

[14] في هامش تفسير المنار 199:1: و في رواية: و إن أعلاه لمثمر، و إن أسفله المغدق الخ.

[15] المدثر: 30 - 11.

[16] تفسير المنار 201 - 198/1.

[17] في تفسير المنار 201 - 198/1.

1 - إعجاز القرآن ببلاغته.

2 - إعجاز القرآن بما فيه من علم الغيب.

3 - إعجاز القرآن بسلامته من الاختلاف.

4 - إعجاز القران بالعلوم الدينية و التشريع.

5 - إعجاز القرآن بعجز الزمان عن إبطال شي ء منه.

6 - إعجاز القرآن بتحقيق مسائل كانت مجهولة للبشر أنظر المصدر 210 - 201، و كتاب البشري 367 - 340:2 كما تقدم الرقم في التعليق و هكذا تفسير الميزان 89 - 59/1، و باقي التفاسير و ما جاء فيها بهذا الصدد.